ما حكم الديمقراطية وحكم استيرادها مع تهذيبها كآلية، و كيف تختار الدول الإسلامية الحاكم أو الرئيس مع منعها في ظل هذه الاختلافات بين الأحزاب؟
العبرة بالمعاني لا بالمباني، فالديمقراطية إذا فرغت مما تضمنته من إحالة الأحكام إلى اختيارات البشر فيما لا يكون فيه الحكم إلا لله تعالى، وصيغت وسيلة للاختيار في الناس أولاهم بالحل والعقد دينا وكفاءة في المصلحة؛ فإنه لا مانع شرعي في التوسل بهذه الجهة - الاختيار لمن يتولى الأمور الحُكمية - إلى هذا الشأن -الحكم-.
والذين جمدوا في هذا الأمر، وقطعوا فيه بحكم الحرمة ليسوا مُلتفتين إلى أن كل أمر قابل للتغيير قد يصير شرعيا، إذا ألغي فيه ما هو محظور، وبُني على ما يكون به مُباحا، مما يجعله وسيلة من الوسائل العادية الصرفة التي لا تُكدّر صفو العقيدة، ولا تصدم أمرا شرعيا، كما لم يلتفتوا إلى مقتضيات أحوال الناس وحاجتهم في شأن الحكم، وما يكون أجدر في تحصيله مع دفع التسلُّط، والقدرة على التغيير عند الحاجة، مع دفع الاستبداد في هذا الشأن.
نعم، إذا أوجدت وسيلة شرعية أولى بالاعتبار فإنه يُصار إليها، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت تلك الوسيلة تدفع التسلط والاستبداد والسرمدية في الحكم.
وعلى كل فهذا موضوع نظر واجتهاد، وما ذُكر في صدر هذا القول هو الذي يظهر أنه الصواب.
والله أعلم