عمل أهل المدينة من الأصول التي انفرد بها المذهب المالكي، أخذ به الإمام مالك رحمه الله، وكان يقدمه على خبر الآحاد، ونوزع في ذلك من طرف العلماء، وإن كانت المسائل التي بناها رحمه الله على العمل لا تتجاوز المائتين ونيفاً، وقد اختلف علماء المذهب قبل غيرهم في عده حجة، فما الراجح عندكم بارك الله فيك؟

عمل أهل المدينة في كونه أصلا من أصول مالك ـ رحمه الله ـ اضطراب واختلاف، كما اضطرب في كونه أصلا فقهيا لمالك؛ اختلف في الصورة التي هو عليها في هذا المذهب.

والذي تنخل واستبان في هذا الأمر أن عمل أهل المدينة أصل من أصول المالكية، نظرا لما تقرر من أن مالكا كان يعرض الحديث على العمل النبوي الغالب، وكذا عمل الصحابة.

وقد مدد عمله هذا إلى العرض على عمل أهل المدينة، لكن التحقيق في هذا الأمر أبدى أنه لا يرجح بهذا العمل إلا ما كان سبيله التوقيف، كما يرى ذلك حذاق مذهبه كالقاضي عبد الوهاب وأبي الوليد الباجي... وكما يدل حال فتاويه واختياراته الفقهية، وقد يمثل لذلك بما خالف فيه فتاوى عمر وأبي بكر رضي الله عنهما، وسعيد بن المسيب.